الملخص
في سبيل صيانة الحقوق وتحقيق التوازن بين اطراف الخصومة الجزائية اخذت ظاهرة التعسف في استعمال الحق الاجرائي عموماً واستعمال الحق الاجرائي الجزائي على الخصوص تشغل الحيز الكبير من اهتمام التشريعات والقضاء والفقه, لأن اهمال هذه الظاهرة التي برزت وقائعها على مسرح التطبيق يعد اخلالا بمبدأ سيادة القانون والسير الصحيح للعدالة الجنائية كما يعد ثغرة تسمح بانتهاك القانون تحت غطاء ممارسة الحق الاجرائي وفق القانون دون الالتزام بالغاية من تشريع القانون حقيقة, فرفض المحكمة سماع شهادة نفي التهمة بحجة عدم الجدوى منها واخراج المتهم من جلسة المحاكمة او تكبيله اثناء المحاكمة دون خطر يذكر او احلال المحكمة لنفسها محل الخبير في مسالة فنية بحته وغيرها من الحالات التي اثبت الواقع التطبيقي ظهورها, تعد جميعها تعسفاً يستغل فيه القائم بالإجراء الجزائي صلاحياته القانونية ليلحق ضررا بالعدالة ويخالف غاية التشريع الاجرائي مستخدما اساليب التسويف والالتواء والمماطلة .
من هنا أنبثق اهتمامنا بدراسة موضوع التعسف في استعمال الحق بالدعوى الجزائية وأقتصر على احدى مراحلها وهي مرحلة المحاكمة لبيان حالاته والمسؤولية الناجمة عنه وجزاءاته بهدف إبراز جوانب الاستعمال المشروع للحق والتعسف فيه، فإذا ما حصل ذلك الانحراف فأنه بكل تأكيد يشكل جريمة تعسفية قائمة بذاتها تختلف عن تجاوز الحق أو المسؤولية التقصيرية التي تقوم على فكرة الخطأ والضرر والعلاقة السببية لأن القائم بها يستعمل حقاً مشروعاً لهُ وفق القانون لكن يحيد عن غايته بالشكل الذي يلحق ضرراً بالفرد أو المجتمع، وعند أمعان النظر بنصوص قانون أصول المحاكمات الجزائية نجدها لم تقدم حلولاً لمشاكل التعسف بالشكل الذي يخدم العدالة لأن النصوص تتناهى والوقائع لا تنتهي
الكلمات الرئيسة
الموضوعات